24‏/4‏/2009

مقاربة التدريس بالكفاءات



تمهيـد: الكفاءة مصطلح أصبح متداولا في مجال التربية، وفرضت نفسها في كل الميادين واعتمدتها البلدان في أنظمتها التربوية، مسايرة لمقتضيات التحولات المختلفة وروح العصر. فماذا يعني هذا المصطلح؟ و ما أسس بناء الكفاءات؟ وما مستوياتها؟ مفهوم الكفاءة: لغـة: ورد في لســان العرب للعلامة ابن منظور \" كافــأه على الشيء مكافأة و كفاء : جازاه. و الكفيء : النظير، وكذلك الكفء و الكفوء ، و المصدر الكفاءة. وتقول لا كفاء له، بالكسر، وهو في الأصل مصدر، أي لا نظير له. و الكفء: النظير و المساواة، ومنه الكفاءة في النّكاح، و هو أن يكون الزّوج مساويا للمرأة في حسبها ودينها ونسبها وبيتها و غير ذلك.\" و الكفاءة للعمل: القدرة عليه وحسن تصرفه، وهي كلمة مولّدة. و لفظة الكفاءة ذات أصل لاتيني compétence وقد ظهر سنة 1968م في اللغات الأوربّية بمعان مختلفة اصطلاحا: يشوب مفهوم الكفاءة الكثير من الغموض و الاختلاف، وقد ذكر العديد من الباحثين في هذا الإطار أنّه يوجد أكثر من مئة تعريف لمفهوم الكفاءة، و هذا حسب السياق الذي يستعمل فيه و الذي يهم البحث هو مفهوم الكفاءة في المجال التربوي، ونذكر لذلك بعض التعاريف:


- مجموعة من التصرفات الاجتماعية/الوجدانية، و من المهارات المعرفية، أو من المهارات النفسية الحس/حركية التي تمكّن من ممارسة دور، وظيفة، نشاط، مهمّة أو عمل معقّد على أكمل وجه.(تعريف مكيّف انطلاقا من تعريف لوي دينو)( Luis d'hainout).

- مجموعة من المعارف و من القدرات الدّائمة و من المهارات المكتسبة عن طريق استيعـاب معــارف وجيهـة وخبــرات مرتبطـة فيمــا بينها في مـجال.( دي كيتل، حـ، م و أل)(DE ketele, J.M et AL). - هي الاستجابة الّتي تدمج، وتسخّر مجموعة من القدرات والمهارات و المعارف المستعملة بفعالية في وضعيات مشكلة، وظروف متنوّعة لم يسبق للمتعلّم أن مارسها.

- مجموعة من السّلوكات المنظّمة الّتي تسمح للفرد بمواجهة وضعية ما إنّها نهائية.

- الكفاءة من منظور مدرسي هي مجموعة مندمجة من الأهداف المميّزة تتحقّق في نهاية فترة تعلّميّة أو مرحلة دراسية، و تظهر في صيغة وضعيات تواصليّة دالّة لها علاقة بحياة التّلميذ.

- الكفاية التعلّميّة هي مجموعة المعارف و المفاهيم و المهارات و الاتّجاهات، يكتسبها الطّالب نتيجة إعداده في برنامج تعليميّ معيّن، توجّه سلوكه وترتقي بأدائه إلى مستوى من التّمكّن، تسمح له بممارسة مهنته بسهولة و يسر و من دون عناء. يستخلص البحث من هذه التعريفات وغيرها، أنّ الكفاءة ذات مستوى أعلى من المهارات و المعارف و الّتي تشكّل القاعدة الصّلبة لبناء هذه الكفاءة، و أنّ جلّها إن لم تكن كلّها تتّفق على أنّ العناصر الأساسية الّتي تحدّد الكفاءة هي: أ ـ ينبغي على الكفاءة أن تدمج عدّة مهارات ومعارف. ب ـ تترجم الكفاءة بتحقيق نشاط قابل للملاحظة. ج ـ يمكن أن تطبّق الكفاءات في ميادين مختلفة منها: الشّخصية أو الاجتماعية أو المهنية. خصائص الكفاءة: أ ـ توظيف جملة من الموارد: إنّ الكفاءة تتطلّب تسخير مجموعة من الإمكانات و الموارد المختلفة مثل: المعارف العلميّة و معارف التّجربة الذّاتية و القدرات و المهارات السّلوكية. ب ـ الغائية و النّهائية: تسخير الموارد لا يتمّ عرضا، بل يكسب الكفاءة وظيفة اجتماعية، نفعية لها دلالة بالنسبة للمتعلّم الّذي يسخّر مختلف الموارد لإنتاج عمل ما، أو حلّ مشكلة في حياته المدرسيّة أو الحياة اليومية. ج ـ خاصّية الارتباط بجملة من الوضعيات ذات المجال الواحد: إنّ تحقيق الكفاءات لا يحصل إلاّ ضمن الوضعيات الّتي تمارس في ظلّها هذه الكفاءة ـ وضعيات قريبة من بعضها البعض ـ، فمن أجل تنمية كفاءة ما لدى المتعلّم يتعيّن حصر الوضعيات الّتي يستدعي فيها إلى تفعيل الكفاءة المقصودة، مثل: أخذ رؤوس الأقلام في وضعيات مختلفة؛ فأخذ رؤوس الأقلام في درس ليست هي كفاءة أخذ رؤوس الأقلام في اجتماع. د ـ الكفاءات غالبا ما تتعلّق بالمادّة: في أغلب الأحيان توظّف الكفاءة معارف ومهارات معظمها من المادّة الواحدة وقد تتعلّق بعدّة موادّ، أي أنّ تنميتها لدى المتعلّم تقتضي التّحكّم في عدّة موادّ لاكتسابها. ه ـ القابليّة للتّقويم: عكس قدرات، فالكفاءة تتميّز بإمكانية تقويمها بناء على النّتائج المتوصّل إليها، لأنّ صوغها يتطلّب أفعالا قابلة للملاحظة و القياس، إنّ تقيم الكفاءة يتطلّب وضع المتعلّم في إشكالية تتطلّب دمج وتسخير مجموعة من الموارد مركّبات الكفاءة: أ ـ المحتوى: إنّها الأشياء الّتي يتناولها التّعلّم، لأنّ فعل التّعلّم يخصّ هذه الأشياء بالضّرورة، ولأنّنا عندما نتعلّم فإنّنا نتعلّم بعض الأشياء. لقد قام عدد من الباحثين بتصنيف مبسّط لمحتويات التّعلّم فحصروه في ثلاثة أنماط من الأشياء هي:

ـ المعارف المحضة ( الصّرفة).

ـ المعارف الفعلية ( المهارات).

ـ المعارف السّلوكية(المواقف). وهذه المعارف الضّرورية التي يستند إليها التّعلّم لاكتساب كفاءة من الكفاءات مثلا:

* معرفة قاعدة نحوية ( معرفة صرفة)

* استعمال مفردات في وضعيات مناسبة ( مهارة).

* التّركيز من أجل تجاوز صعوبات الاستعمال ( سلوك). ب ـ القــدرة:Capacité ـ هي كلّ ما يجعل الفرد قادرا على فعل شيء ما ومؤهّلا للقيام به أو إظهار سلوك أو مجموعة سلوكات تتناسب مع وضعية ما، فهي غير مرتبطة بمضامين مادّة معيّنة، بل يمكن أن تبرز في موادّ مختلفة، مثل القدرة على تعريف الأشياء أو على المقارنة بينها ... و القدرة على التّحليل و الاستخلاص ... إلخ، كلّ هذه النّشاطات عبارة عن قدرات.

ـ هي أشكال من الذّكاء وفق استعدادات فطرية ومكتسبات حاصلة في محيط معيّن. خصـائص القدرة: أ ـ استعراضية: قابلة للتّوظيف في موارد مختلفة و متعلّقة بموادّ دراسية. ب ـ تطويرية: تنمو و تتطوّر و قد تنقص مثل القدرة على التّذكّر. ج ـ تحويلية: تتحوّل من حالة إلى أخرى (التّفاوض = الكلام + الاستماع + البرهنة). د ـ غير قابلة للتّقويم: يتعذّر الحكم فيها بدقّة. ج ـ الوضعيــة:Situation هي الإشكالية الّتي يتمّ إيجادها لتساعد المتعلّم على توظيف إمكاناته وتجعله دائما في موقع العمل الفاعل و النّشاط الدّؤوب، كما أنّها تضفي على المادّة التّعلّميّة معان حيويّة وفائدة، وتكون الوضعية ذات دلالة إذا:

* كانت تجعل التّلميذ يستفيد من معارفه في معالجة واقعه المعيش.

* كان يشعر بفاعليّتها وجدواها في علاج عمل معقّد.

* كانت تسمح بتفعيل إسهام مختلف الموادّ في حلّ مشاكل معقّدة. بين الكفاءة و القدرة: تشكّل القدرة و الكفاءة أهمّ أقطاب نسق التّطوير الاستراتيجي لمقاربة العمل البيداغوجي المستحدث في مجال التّكوين المدرسيّ؛ و الثّنائية القطبية المتمثّلة في القدرات و الكفاءات ضمن هذه الأطر تتفاعلان بانسجام في مسارين متكاملين رغم ما يبدو عليهما من غموض و تداخل في المفهوم و المصطلح، اللّذين قد يصعب أمر التّفريق بينهما أحيانا. موازنة بين القدرات و الكفاءات من حيث الخصائص و المميزات: أوجه الشّبه:

ـ تتفاعل كل منهما في علاقة داخلية و خارجية.

ـ كلاهما استعراضية .

ـ قابلتان لأجرأة .

ـ تتأثران بالبيئة التّعلّمية الدّاخليّة للمدرسة و الخارجيّة.

ـ تؤثّران في البيئة المدرسية منها و المحيطة.


أوجــه الاختلاف

القـــدرة ( الأســــاس) الكفـــاءة ( البنـــــــاء)

ـ مســار نـموّ عامّ ـ مسار تكوين خاصّ

ـ مكوّن طبيعي ومعرفي ـ مكوّن معرفي/ أدائي

ـ القــدرة تنـمـو ـ الكفاءات تتركّب

ـ تنمو بتوالد الكفاءات ـ تتركبّ بنواتج التّعلّمات

ـ غيـر مرتبطة بالزّمن ـ مرتبطة بالزّمن أحيانا

ـ تنمو طبيعيا و تعلّميّا( المؤثّرات داخليّة وخارجيّة)

ـ تتكوّن تعلّميّا( المؤثّرات خارجية فقط)

ـ مواردها مضامين معرفية و كفاءات مبعثرة ومهيكلة

ـ مواردها مضامين معرفية

مبرمجة و غير مبرمجة

ـ غير قابلة للتقويم المباشر

ـ قابلة للتّقويم بمؤثّرات سلوكية

ـ تندمج داخل نفس المجال وخارجه

ـ تندمج في علاقة داخليّة لنفس المجال وخارجيّة

ـ توظّف لممارسة تعلّميّة و اجتماعية

ـ تؤدّي ممارسة تعلّميّة و اجتماعية

ـ متعدّدة المجالات النّمائية

ـ متعدّدة المصادر

ـ نموّها غير منته ( مستمرّ)

ـ غايتها متنامية

ـ تضمر بعدم تنميتها وتوظيفها(تتجمّد)

ـ تتآكل وتزول بعدم

توظيفها(بالإهمال و النّسيان)


الكفاءة و أهداف التّعلّم: إذا كانت الكفاءة هي القدرة الفعليّة الّتي تستند إلى معارف ( محتويات الموادّ) ومعارف فعلية (فكرية أو نفسي/حركية)ومعارف سلوكية ( اجتماعية/وجدانية). فإنّ أهداف التّعلّم توضّح ما هي هذه المعارف الّتي إذا تحكّم فيها المتعلّم فإنّه يستطيع أن يبرهن على كفاءته ومقياس النّجاح في ذلك يستند إلى أداة قبلة للملاحظة و القياس ثمّ إنجازها في وضعيات التّعلّم. وقد عرّف Pophan الهدف:\" هو ما ينبغي أن يعرفه التّلميذ أو يكون قادرا على فعله أو تفضيله أو اعتقاده عند تعلّم معيّن، إنّه يتعلّق بتغيير يريد المدرّس إحداثه لدى التّلميذ و الّذي يوصف بصيغة سلوك\" و للأهداف التعلّميّة مستويات يقسمها لويس دينو. 1980 LOUIS D'HAINAUT إلى أربع مستويات هي:

* مستوى الغايات.

* مستوى المرامي.

* مستوى الأهداف العامة.

* مستوى الأهداف الإجرائية تابع
تابع طرق التدريس

ليست هناك تعليقات: